الأربعاء، 30 أبريل 2008


تصريح بمناسبة عيد الشغل

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدعو جميع المناضلين والمناضلات بكافة الفروع إلى المشاركة في مسيرات فاتح ماي تعزيزا "للتعبئة الجماعية للدفاع عن الحق في الشغل وحقوق العمال"
تحيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان العيد الأممي للشغل تحت شعار "التعبئة الجماعية للدفاع عن الحق في الشغل وحقوق العمال". وانسجاما مع هذا الشعار، إن جميع أعضاء الجمعية بكافة الفروع وكذا المتعاطفين والمتعاطفات معها، مدعوون للمشاركة في المسيرات المنظمة بمناسبة فاتح ماي وذلك للتعبير عن تشبث الجمعية بإعمال الحق الدستوري والإنساني في الشغل وعن دعمها الثابت لحقوق العمال، ولتوطيد العلاقات بين الحركة النقابية العمالية والحركة الحقوقية وكل القوى المدافعة عن الحق في الشغل وحقوق العمال. ويأتي فاتح ماي لهذه السنة كتتويج للأنشطة التي قامت بها الجمعية بمناسبة الأسبوع الوطني للدفاع عن الحق في الشغل وحقوق العمال والممتد من 25 أبريل إلى 1 ماي.
و بمناسبة عيد الشغل فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان استنادا على تتبعها لأوضاع الحقوق الشغلية تسجل ما يلي:
1. فيما يخص التصديق على النصوص الدولية المتعلقة بالحقوق الشغلية: إن المغرب لم يصدق لحد الآن سوى على 48 اتفاقية من ضمن185 اتفاقية شغل دولية صادرة عن منظمة العمل الدولية. لذا فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تؤكد مطالبتها بتصديق بلادنا على مجمل الإتفاقيات الدولية للشغل التي ما زال يجري بها العمل بدءا بالتصديق الفوري على الاتفاقية رقم 87 حول "الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي" التي التزمت الحكومة بالتصديق عليها منذ فاتح غشت 1996.
2. بالنسبة لقوانين الشغل ببلادنا، تسجل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن مقتضيات الدستور المتعلقة بالحقوق الشغلية تظل ضعيفة وأن مدونة الشغل، والمراسيم التطبيقية المرتبطة بها، رغم تضمنها لعدد من المكتسبات الجزئية، تتضمن سلبيات كبرى على مستوى المقتضيات المتعلقة سواء باستقرار العمل أو بالأجور أو بمكانة ودور النقابة على مستوى المقاولة، وتكرس الحيف ضد العمال الزراعيين علاوة على تضمنها لإجراءات زجرية غير كافية لوقف انتهاكات المشغلين لقوانين الشغل.
وتعبر الجمعية عن استنكارها لسكوت الحكومة على الانتهاكات الفظيعة لمقتضيات مدونة الشغل من طرف الأغلبية الساحقة من المشغلين وماينتج عنها من تدهور خطير للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للعمال والعاملات وأسرهم. كما تعبر عن شجبها للموقف المتواطئ مع منتهكي القانون الذي تتخذه السلطات اتجاه نزاعات الشغل الناتجة عن عدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل والقوانين الجاري بها العمل.
وفي ما يخص الإجراءات القانونية المتعلقة بالحريات النقابية، إن الجمعية تجدد مطلبها بإدماج مقتضيات اتفاقية الشغل رقم 135 حول توفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال بشكل جدي في مدونة الشغل. كما أنها تطالب بإلغاء كل المقتضيات المعرقلة للحق الدستوري في الإضراب وللحريات النقابية، وفي مقدمتها الفصل 288 من القانون الجنائي، والفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي، وتقوية الضمانات الكفيلة بحماية واحترام الحق في الإضراب. وتنبه الجمعية كذلك إلى خطورة المصادقة على قانون تنظيمي لحق الإضراب هدفه تكبيل هذا الحق الدستوري وهو ما يتضح بجلاء من خلال مشروع وزارة التشغيل ليناير 2005، الذي يجسد إرادة الإجهاز على حق الإضراب.
3. وفيما يخص واقع الحقوق الشغلية تسجل الجمعية ما يلي:
أ. إن الحق في العمل، وحق الحماية من البطالة، والحق في تأمين معيشة الإنسان في حالة البطالة – وهي الحقوق المضمونة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – تنتهك بشكل سافر وباستمرار في بلادنا، والتي يوجد بها ملايين المحرومين من العمل القار، بمن فيهم مئات الآلاف من الشباب ذوي المستويات الجامعية والحاملين للشهادات التقنية والهندسية ولشهادات الإجازة والدكتورة وغيرها من الشهادات العليا.
و بهذه المناسبة تعبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تضامنها التام مع كل فئات المعطلين حاملي الشهادات في نضالهم المشروع من أجل الحق في الشغل، وتطالب الحكومة بالاعتراف القانوني الصريح بالجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، وفتح مفاوضات مباشرة معها بدل اعتقال مسؤوليها ومناضليها، وبجعل حد لإضطهاد وتعنيف واعتقال ومحاكمة المعطلين والمعطلات بسبب اعتصاماتهم السلمية مع نهج أسلوب الحوار الجاد والمسؤول معهم ووضع سياسة اقتصادية واجتماعية تضمن الشغل والكرامة للجميع. وتعتبر الجمعية أن الاستمرار في قمع النضالات المشروعة للمعطلين والتنكيل بهم وإغلاق أبواب التفاوض المثمر مع ممثليهم وانسداد أبواب الأمل أمامهم، يعدون من الأسباب الأساسية للجوء بعضهم إلى محاولات للإنتحار الجماعي .
إضافة إلى ما سبق، تطالب الجمعية باحترام حق الإستقرار في العمل بالنسبة لسائر الأجراء، وتعبر عن تضامنها مع عشرات الآلاف من العاملات والعمال المطرودين ضدا على الحق والقانون، وفي مقدمتهم ضحايا الاعتداء على الحريات النقابية.
ب. وبشأن الحقوق النقابية، تسجل الجمعية استمرار الخروقات السافرة في هذا المجال، والمتجسدة أساسا في الممارسات التعسفية ضد المسؤولين النقابيين، وفي مقدمتها رفض الاعتراف بالمكاتب النقابية والحوار معها وطرد المسؤولين النقابيين والعمال والعاملات المضربين، بل واعتقالهم ومحاكمتهم في العديد من الحالات وإغلاق المعامل خارج إطار القانون لتخويف العمال من العمل النقابي.
ج. وبالنسبة للحق في الأجر العادل والمرضي الذي يكفل للفرد وأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان، تسجل الجمعية أن الحد الأدنى للأجور (1842 درهما شهريا في الصناعة والتجارة والمهن الحرة، 1300 درهم شهريا في الفلاحة و1867 درهما بالنسبة للموظفين) علاوة على تعدد مستوياته، فهو لا يضمن بتاتا الحياة الكريمة، ناهيك عن عدم تطبيقه بالنسبة لأغلبية المؤسسات الصناعية والتجارية والفلاحية وأحيانا حتى في بعض الإدارات والمؤسسات العمومية. كما تسجل الجمعية أن الزيادات المتتالية في أثمان المواد الآساسية في معيشة المواطنين تؤدي بدورها إلى تردي الأوضاع المعيشية للأجراء. وبهذه المناسبة تؤكد الجمعية دعمها لنضالات المواطنات والمواطنين في مواجهة ارتفاع الأثمان ــ في ظل جمود الأجور والمداخيل ــ والمؤطرة من طرف تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية.
د. وبشأن الحقوق العمالية الأخرى، التي أقرها الإعلان العالمي، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، فهي تعرف هي الأخرى انتهاكات متعددة. وهذا هو الشأن بالنسبة للحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي، والحق في الراحة وفي أوقات الفراغ، والحق في تحديد معقول لساعات العمل، وعطل دورية مؤدى عنها، وظروف عمل مأمونة وصحية، وحق كل إنسان في الضمان الإجتماعي، وبشكل خاص حقه في الصحة وفي تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة، وحقوق المرأة العاملة وحقوق الأطفال وحقوق اليافعين المجبرين على العمل. كما أن تشغيل الأطفال دون السن القانوني ــ 15 سنة وبشكل خاص بالنسبة للفتيات الصغيرات العاملات في البيوت ــ مازال يشكل إحدى الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الطفل ببلادنا دون أن تتم متابعة المسؤولين عن هذه الأوضاع.
هـ. ويشكل عدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل، على علاتها، كنتيجة لسياسة الإفلات من العقاب، أخطر انتهاك لحقوق العمال في الفترة الحالية.
إن الحكومة التي تعترف بأن قانون الشغل على علاته، لا يطبق إلا في 15% من مؤسسات القطاع الخاص التي يفوق عدد عمالها 50 أجيرا، بدل أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد المشغلين الذين لا يحترمون القانون، قد أصدرت ما يسمى بالمخطط الوطني للملاءمة، الذي يدعو صراحة إلى تأجيل تطبيق قانون الشغل بأغلب المقاولات، ويثني مفتشي الشغل عن تحرير محاضر المخالفات ضدا على مقتضيات مدونة الشغل نفسها.
إن الجمعية تدعو إلى سحب هذا البرنامج / الفضيحة والتقيد الصارم بمقتضيات مدونة الشغل في أفق مراجعة مدونة الشغل وباقي التشريعات الشغلية في اتجاه تجاوز السلبيات التي تكتنفها والانسجام مع المعايير الدولية بشأن حقوق العمال.

وفي هذا الصدد، تساند الجمعية مطالب مفتشي الشغل بتحسين أوضاعهم المادية والمهنية وتوفير الشروط الملائمة للقيام بدورهم في مراقبة تطبيق قانون الشغل.
و. أما بالنسبة للحق في التقاعد وفي التغطية الصحية للعمال ولذويهم، فإن الجمعية تسجل الأوضاع المزرية للمتقاعدين بسبب هزالة المعاشات وتراجع الدولة عن دورها في مجال الخدمات الصحية، وكذا بسبب ما تعرفه صناديق التقاعد والتعاضديات من اختلالات وسوء التسيير. وتطالب الجمعية بتدخل الدولة وأجهزة المراقبة لتصحيح الوضع بهذه المؤسسات ودمقرطتها وإشراك فعلي للمنخرطين وذوي الحقوق في تسييرها. وبهذا الصدد تستنكر الجمعية وضعية اللاعقاب التي مازال يتمتع بها رئيس التعاضدية العامة للموظفين رغم الخروقات الفظيعة التي قام بها وتجدد مساندتها لنضالات ومطالب لجنة التنسيق الوطنية لمندوبي ومتصرفي التعاضدية العامة.
ز. وبخصوص القضاء، تسجل الجمعية، استمرار تحيز القضاء في النزاعات المعروضة عليه، سواء من خلال الأحكام القاسية الصادرة ضد العمال والنقابيين، أو من خلال تجميد محاضر المخالفات المرفوعة من مفتشي الشغل ضد المشغلين الذين ينتهكون قانون الشغل أو إصدار أحكام خفيفة ضدهم، لا يتم تنفيذ أغلبها.
انطلاقا مما سبق، إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تؤكد مطالبتها للسلطات وللمشغلين بالعمل الجاد على إقرار حقوق العمال المتعارف عليها كونيا، دستورا وتشريعا وواقعا، وبالتعامل الإيجابي مع مذكرة الجمعية بشأن المطالب الأساسية الخاصة بحقوق العمال والحق في الشغل. على غرار اهتمامها بالوثيقة التي قدمتها الفدرالية العامة للمقاولات المغربية المسماة "الكتاب الأبيض" الذي برمج في جدول أعمال مجلس الحكومة.
كما تعبر الجمعية عن تضامنها مع كل الأجراء بالمغرب وعبر العالم الذين يناضلون من أجل احترام حقوقهم الإنسانية، وتحسين أوضاعهم المتردية، ملتزمة بمواصلة مجهوداتها ــ إلى جانب الحركة النقابية العمالية ببلادنا وحركة المعطلين وسائر القوى الديمقراطية المهتمة بالحقوق الشغلية ــ لمؤازرة ضحايا انتهاك الحقوق الشغلية، والعمل على حمايتها والنهوض بها كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.
المكتب المركزي